تابعنا
يدخل العالم الإسلامي شهر رمضان المبارك الذي يبث في كل بلاد منه جواً من الاستبشار بخير الشهر وقدسيته. ويُعِدّ له المسلمون، على اختلاف تقاليدهم، طقوساً خاصة وعبادات خاشعة.

أعلنت تركيا والسعودية وفلسطين ومصر ومعظم دول العالم الإسلامي أن يوم الاثنين 11 مارس/آذار الجاري هو أول أيام شهر رمضان المبارك، وفي المقابل أعلنت دول أخرى مثل المغرب وإيران وسلطنة عُمان أن أول الشهر الكريم سيكون يوم الثلاثاء 12 مارس/آذار.

ورغم اختلافهم في تاريخ دخوله يبقى رمضان شهراً متميزاً في البلدان الإسلامية، يبث فيها جواً خاصاً ملؤه التعبد والتضرع إلى الله والتكافل والتراحم بين المسلمين، كما تختلف استعدادات وطقوس احتفالية الشهر من بلد إلى آخر.

ويأتي شهر رمضان هذا العام مشوباً بطعم حسرة وحزن لأنه يترافق مع استمرار حرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الفلسطينيون في قطاع غزة وجرائم الاحتلال الإسرائيلي في حق نظرائهم في الضفة.

غسل جامع آيا صوفيا بمناسبة رمضان.

أضواء المحيا وتراويح آيا صوفيا

وبحلول رمضان تشهد تركيا مراسم استقبال متميزة للشهر الكريم، إذ يكثر النشاط قبله ما بين تزيين للجوامع وتنظيفها ورفع لافتات أضواء المحيا، فضلاً عن الصلوات والعبادات وتلاوة القرآن.

وفي مدينة إسطنبول، حيث تسُود أجواء رُوحانية بهذه المناسبة، تزينت الجوامع التاريخية في المدينة لتظهر في أبهى حلة أمام المصلين والصائمين من الأتراك والمقيمين.

وتُعَدّ أضواء المحيا تقليداً عثمانياً أصيلاً، إذ تُعلَّق عبارات الجلالة أو التسابيح على شكل لافتات منيرة فوق المساجد، وعُرف هذا التقليد بدايته الأولى في عهد السلطان أحمد الأول، وقتها عُلق المحيا على المسجد الأزرق (السلطان أحمد) في إسطنبول، وجرى الحفاظ عليه منذ ذلك الحين.

وبالإضافة إلى هذا يُقدِم القائمون على المساجد القديمة والتاريخية والكبرى على غسلها بماء الورد وتعطيرها، استعداداً للشهر الكريم، فيما تشهد الأسواق حركة نشطة من قِبل الزائرين، تعلوهم حماسة الوصول إلى سحور اليوم الأول، المصادف ليلة الأحد/الاثنين، وصولاً إلى إفطار يومهم الأول.

وفي كل رمضان تتجه أنظار العالم الإسلامي نحو جامع آيا صوفيا الكبير في إسطنبول، الذي عادت إليه صلاة التراويح عام 2022 بعد غياب دام لزهاء 88 عاماً، وعُلّقت أنوار المحيا التي تحمل كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) بين مئذنتي الجامع، كما غسل بماء الورد، وكان محجاً لمئات المصلين حيث أقيمت به أول صلاة تراويح مساء الأحد.

وتعمّ باقي العالم التركي أجواء روحانية مشابهة، وشهدت العاصمة القرغيزية بيشكيك، مساء الأحد، أداء صلاة التراويح الأولى في شهر رمضان، حيث اكتظ مسجد الإمام السرخسي بالمصلين.

وفي تصريحات لوكالة الأناضول قال إمام المسجد عبد الله أولو إن شهر رمضان حلّ بكل حماسه، متمنياً لمسلمي العالم السلام والرخاء في بلدانهم. ومن المقرر أن تقام موائد الإفطار خلال شهر رمضان في أكثر من 2000 مسجد في عموم قيرغيزستان.

#MDJ33 : Muslim holy month of Ramadan (dates to be confirmed)

مليون في الحرم المكي

وبعد إعلان يوم الاثنين أول أيام رمضان في المملكة العربية السعودية توافد مئات الآلاف على أداء صلاة التراويح في الحرم المكي والنبوي، وأدى أكثر من مليون زائر صلاة التراويح في المسجد الحرام بمكة المكرمة مساء الأحد، وسط خدمات خاصة للمعتمرين وزائري بيت الله الحرام.

وتشهد السعودية في مثل هذا الموسم تزايد وفود المعتمرين الذين يحجون إلى الأراضي المقدسة من أجل أداء مناسك العمرة في رمضان، قادمين من مختلف الدول حول العالم.

وحسب بيانات الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي فإن عدد قاصدي بيت الله الحرام من المعتمرين والزوار في شهر رمضان عام 2023 بلغ 9 ملايين و357 ألفاً و853 مصلياً ومعتمراً.

#MDJ33 : Muslim holy month of Ramadan (dates to be confirmed)

عادات مغاربية أصيلة

واختلفت الدول المغاربية في تحديد أول أيام رمضان، إذ اتفقت كل من تونس والجزائر على أن أول أيام الشهر تحل الاثنين، فيما أعلنت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في المغرب أن الثلاثاء غرّة رمضان المبارك.

وفي الجزائر أُقيمت أول صلاة تراويح في المسجد الأعظم بالعاصمة، الذي افتُتح في 25 فبراير/شباط الماضي، وقد أعلنت عمادة جامع الجزائر يوم الأحد في بيان أن صلاة التراويح لشهر رمضان 2024 ستقام في الجامع ابتداءً من الاثنين 11 مارس/آذار.

وحتى قبل حلول أول أيام الشهر الفضيل، يستعدّ التونسيون له بطقوس وتقاليد متوارثة، أبرزها القصدرة، وهي عادة تجديد الأواني النحاسية بالبيوت قبيل رمضان. وقد شهدت الأيام الماضية أسواق بيع المنتجات النحاسية وورش تصنيعه وتلميعه، التي تنتشر في المدينة العتيقة للعاصمة تونس، رواجاً منقطع النظير.

ورغم أن شهر رمضان عندهم لن يحل حتى يوم الثلاثاء، فإن المغاربة يقبلون بشكل وفير على الأسواق لابتياع مستلزمات الشهر وصيامه، وعلى رأسها التوابل والتمور، والحلويات التقليدية التي تزدان بها عادةً الموائد المغربية في هذا الموسم، مثل حلوى الشباكية والبريوات والمقروط الشهير في مناطق شرق المملكة.

Ramadan in Gaza

رمضان تحت القصف والاعتداءات

ويبقى شهر رمضان هذا العام ذا طعم مختلف مشوب بالأسى والحزن، إذ يحل على الأمة الإسلامية تزامناً مع استمرار حرب الإبادة التي يتعرض لها الفلسطينيون في قطاع غزة، كما تستمر اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي عليهم في الضفة الغربية والقدس.

وأدى الغزيون أول صلاة تراويح في رمضان بأعداد محدودة، خشية استهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي وبسبب تدمير معظم مساجد القطاع، على عكس السنوات السابقة حيث كانت المساجد والساحات العامة تعج بالمصلين. وخلال الصلاة تضرع المصلون إلى الله أن ينهي العدوان على القطاع، وأن يشفي الجرحى ويحمي الأبرياء، ويجلب السلام والاستقرار إلى غزة.

ويستقبل مئات الآلاف من سكان غزة الشهر الفضيل في ظل أوضاع صعبة جداً، عنوانها القتل والدمار والجوع، ويواجه أكثر من 300 ألف شخص في شمال القطاع أخطار المجاعة بشكل متزايد، وبات معظم العائلات هناك يعتمد على علف الحيوانات والحشائش والصبار لسدّ القليل من رمق أطفالهم، وفق تقرير لصحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية.

وأشارت وزارة الصحة في القطاع إلى أن أكثر من 2000 كادر صحي شمال غزة سيبدؤون شهر رمضان بلا وجبات سحور أو إفطار.

وفي الضفة الغربية والقدس أعلن الاحتلال الإسرائيلي استنفاراً أمنياً واسعاً تحسباً لأي أحداث قد تطرأ خلال الشهر الفضيل، وفرضت شرطة الاحتلال في محيط المسجد الأقصى حالة أمنية مكثفة، ومنعت الفلسطينيين من الدخول إلى المسجد لأداء صلاة التراويح، ذلك قبل ساعات من بدء رمضان.

وفي الآونة الأخيرة دعا عدد من الوزراء الإسرائيليين إلى فرض قيود على وصول فلسطينيي الضفة الغربية إلى المسجد الأقصى، وفي المقابل ردت الفصائل الفلسطينية وقيادات إسلامية داخل الخط الأخضر إلى شدّ الرحال إلى الحرم القدسي خلال الشهر الفضيل.

ولم تحترم قوات الاحتلال الإسرائيلي قدسية شهر رمضان واقتحمت في فجر أول أيامه مدينة طولكرم ومخيمها ومدينة نابلس، وسط اشتباكات مع مقاومين سُمِع فيها إطلاق نار ودوي انفجارات.

TRT عربي