تابعنا
حسب ما أوردته مصادر إسرائيلية فإن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير طالب الحكومة بمنع دخول فلسطينيي الضفة الغربية إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان بشكل مطلق، ومنع دخول الفلسطينيين من القدس والداخل المحتل ممن هم تحت سنّ 70 عاماً.

مع اقتراب حلول شهر رمضان في مارس/آذار المقبل، اتخذ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو قراراً بتقييد دخول الفلسطينيين من داخل الخط الأخضر والقدس إلى المسجد الأقصى لأداء الشعائر الدينية، متماشياً بذلك مع مقترحات وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، وخلافاً لتوصية الأجهزة الأمنية.

وعلّق مكتب نتنياهو بأن "إسرائيل ستضع بعض القيود على دخول المصلين إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان المقبل وفقاً للظروف الأمنية، وستتخذ القرار حسب الظروف الأمنية".

وحسب ما أوردته مصادر إسرائيلية فإن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير طالب الحكومة بمنع دخول فلسطينيي الضفة الغربية إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان بشكل مطلق، ومنع دخول الفلسطينيين من القدس والداخل المحتل ممن هم تحت سنّ 70 عاماً.

رمضان برؤية إسرائيلية

ويرى المختص في الشأن الإسرائيلي محمد هلسة أن "الاحتلال الإسرائيلي يحاول أن يستثمر الحرب الإسرائيلية الحالية على قطاع غزة والحالة الداخلية في المجتمع الإسرائيلي ومخاوفه لتثبيت أمر واقع في المسجد الأقصى".

ويشير هلسة في حديثه مع TRT عربي إلى أن الاحتلال يهدف بذلك إلى كسر الخطوط الحمراء في ما يخص المسجد الأقصى، والقفز خطوات إلى الأمام في هذا الملف مدفوعاً برؤية بن غفير، ومراهناً على أن كسر هذه الخطوط لن يحدث صدى وردود فعل عنيفة.

ويضيف أن "نتنياهو واليمين اختبرا رد الفعل الدولي ومؤسسات المجتمع المدني والهيئات الدولية مما يحدث في قطاع غزة، وأدرك أن كل المخاوف التي تحذر منها المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من انفجار في حال تغيير الوضع في المسجد الأقصى هي افتراضات لن يتعاطى معها، وأن شهوة إسرائيل للعنف تزداد ما لم يوجد رد عالمي".

وخلافاً لمقترح بن غفير، طالب جيش الاحتلال الإسرائيلي وجهاز الشاباك بتحديد العمر المسموح به لدخول الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى المسجد الأقصى من 45 عاماً فما فوق، وفي المقابل قدمت الشرطة الإسرائيلية "مقترحاً توافقياً" بشأن دخول المصلين، يتضمن اقتراح منع الرجال دون سن الأربعين من دخول المسجد الأقصى وتحديد أعمار الأطفال والنساء لاحقاً.

ويرى هلسة أنه لا بدّ من قراءة تحذير المؤسسة الأمنية الإسرائيلية برؤية عملية بعيداً عن المخاوف النظرية، فإن المجتمع الإسرائيلي من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين لا يختلفون في رؤيتهم في ما يتعلق بالفلسطينيين، وخلال الحرب زاد هذا الإجماع بين الأطراف، وحتى من يريد الاعتراض على الإجراءات الإسرائيلية يلاحقه اليمين ويعنفه.

ويلفت المختص في الشأن الإسرائيلي إلى أن اليمين الإسرائيلي بات يملك اليوم الأدوات في يديه مع وصول إيتمار بن غفير إلى وزارة الأمن القومي الإسرائيلي، أما نتنياهو فهو يدرك أنه بحاجة إلى بن غفير الذي تتقاطع رغباتهما في توسيع الحرب، وأن استقرار التحالف الحكومي أهم بكثير من استقرار المحيط العربي.

ردود الفعل المتوقعة

خلال السنوات السابقة كان إحداث أي تغيير للأمر الواقع في المسجد الأقصى بمثابة "صاعق الانفجار" للأحداث في الأراضي الفلسطينية، مثل "هبة الأسباط" في يوليو/تموز 2017، حين حاول الاحتلال نصب البوابات الإلكترونية على مداخل الأقصى. وكذلك هبة "باب العامود" في أبريل/نيسان 2021 حين اعتدى الاحتلال على المقدسيين في باب العامود، وما تبعها بعد شهر من معركة "سيف القدس" التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة رداً على مسيرة الأعلام التي نظمها المستوطنون في الأقصى.

ويقول المحلل السياسي ساري عرابي إن تقييد وصول الفلسطينيين من داخل الخط الأخضر إلى المسجد الأقصى لا يعني بالضرورة إحداث ردود فعلٍ فورية، لكن من شأنه أن يؤدي إلى تعزيز الشعور والإحساس بالتمييز الإسرائيلي وزيادة الانتماء إلى الهوية الفلسطينية الوطنية.

ويرى عرابي في حديثه مع TRT عربي أن هذا الأمر ستكون له نتائج على المدى المتوسط، إذا لم تكن هناك نتائج على المستوى القريب.

وبعد إصدار قرار تقييد دخول فلسطينيي الداخل أصدرت الأحزاب واللجان داخل الخط الأخضر بياناتٍ مستنكرة، فحذرت لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية من تطبيق القيود وقالت إنه بمثابة "إعلان حرب شاملة علينا، وهي مقدمة لتفريغ الحرم القدسي الشريف من أجل سيطرة المستوطنين على المسجد الأقصى تمهيداً لهدمه، حسب ما يسعى إليه المستوطنون والمتطرفون عامة على مدى السنين".

وأصدر حزب الوفاء والإصلاح بياناً قال فيه إن "فكرة التقييدات الاحتلالية على المصلين في رمضان غبيّة ومستفزّة"، محذراً من "الاستفزاز الذي يرمي إلى تفريغ المسجد الأقصى من أهله وأصحابه"، كما حمّل الاحتلال كامل المسؤولية عمّا تؤول إليه الأمور.

وأكد التجمع الوطني الديمقراطي في الداخل المحتل نضاله ضدّ هذا القرار "بكل الإمكانات المتاحة حتى إلغائه واحترام حق الشعب الفلسطيني في مقدساته وحرية العبادة فيها، ضمن خطوات سيعلنها في وقتٍ لاحق".

وقالت الجبهة الديمقراطية للسلام إن قرار نتنياهو وبن غفير "يهدف إلى إشعال مزيد من الجبهات"، فيما اعتبرت الحركة الإسلامية الموحدة أن القرار "لعب بالنار ومسّ بأقدس مقدساتنا".

أما بالنسبة إلى الفلسطينيين في الضفة الغربية فيوضح عرابي أنهم معتادون هذا المنع وتقييد الوصول، وهو أمر حصل في أوقات سابقة مثل الانتفاضة الفلسطينية الثانية، مؤكداً أنه سيكون له تأثيراته السلبية في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.

ويؤكد المحلل السياسي أن إعاقة وصول المصلين إلى المسجد الأقصى في رمضان ستكون سبباً في تعزيز التعبئة الوطنية والدينية والشعور بزيادة التحدي، مستبعداً أن ينعكس ذلك في وقت قريب خلال الحرب، وأن يتطور إلى هبات عامة وواسعة، مع بقاء عنصر المفاجأة قائماً، وفق عرابي.

ماذا عن فصائل المقاومة؟

تأتي إجراءات سلطات الاحتلال لشهر رمضان المقبل في إطار معركة طوفان الأقصى عام 2023، التي كان من أحد أسباب إطلاقها نية المستوطنين ذبح البقرات وفرض تغيير ديني على المسجد الأقصى، وفق ما أعلنته فصائل المقاومة الفلسطينية عند إطلاقها عملية طوفان الأقصى.

وفي هذا السياق دعا القيادي في حركة حماس محمود المرداوي كل من يستطيع الوصول إلى المسجد الأقصى أن يذهب من دون تردد، والزحف قبل شهر رمضان وفي رمضان وفي العشر الأواخر، وأن تكون هذه قبلة الفلسطينيين، وأن يزحفوا بكل ما أوتوا من قوة للدفاع عن هذه الهوية".

ويقول المرداوي لـTRT عربي: "ينبغي ألا يتمكن الاحتلال الإسرائيلي من فرض إرادته وسياسته، وإن تمكن واستطاع التيار الديني القومي داخله في التحكم بمن يدخل أو لا يدخل المسجد الأقصى فإن دولة الاحتلال تكون وقعت في أتون هذا المسار".

ويؤكد أن "على الشعب الفلسطيني أن يدرك بأن سيطرة هذا التيار تعني أن مقدساتنا في خطر التقسيم الزماني والمكاني، ويجب أن يكون لدى الحركات والتيارات الفلسطينية إدراك بأنها مسألة وجودية".

ويلفت المرداوي إلى أنه رغم التحديات الكبيرة فإن الشعب الفلسطيني أثبت أنه قادر الدفاع عن وجوده وحقه، وأن كل سياسات بن غفير وحكومة الاحتلال ستفشل.

TRT عربي