تابعنا
دشَّن حلف شمال الأطلسي قاعدة "كوتشوفا" الجوية في ألبانيا، التي تعد القاعدة الأولى في غرب البلقان، ما يطرح تساؤلات عدّة حول دلالة الخطوة، في ظل سياق أمني مضطرب، يطبعه دخول الحرب الروسية الأوكرانية عامها الثالث.

افتُتحت القاعدة الموروثة عن الحقبة السوفييتية في كوتشوفا بألبانيا خلال حفل، يوم الاثنين 4 مارس/آذار الجاري، وسط حضور رسمي رفيع، وحُوِّلت القاعدة إلى مركز إقليمي للعمليات الجوية لحلف شمال الأطلسي (ناتو).

وتأتي هذه الخطوة بعد أن جُدّدت القاعدة وجُهزت بإحدى القطع الجوية التابعة لحلف الناتو، وهو ما اعتُبر "استثماراً استراتيجيّاً" يصب في مصلحة الحلف.

وتعد كوتشوفا أول قاعدة للناتو في ألبانيا، التي انضمت للحلف عام 2003، كما أنها أول مركز إقليمي للحلف في غرب البلقان، ما يطرح تساؤلات عدّة عن دلالات الخطوة وتوقيتها، خصوصاً وهي تأتي بعد دخول الحرب الروسية الأوكرانية عامها الثالث.

افتتاح أول قاعدة للناتو في ألبانيا

وأُعيد افتتاح قاعدة كوتشوفا، التي تقع على بُعد 80 كيلومتراً جنوب العاصمة الألبانية تيرانا، بعد أن أغلقتها حكومة البلاد رسميّاً عام 2005، إذ ستُستخدم مركزاً حديثاً للعمليات الجوية المستقبلية لحلف شمال الأطلسي، مثل الدعم اللوجستي والتدريبات والتمارين.

وحضر الافتتاح الرسمي للقاعدة كل من الرئيس الألباني باجرام بيغاج، ورئيس الوزراء إيدي راما، إضافة إلى رئيسة البرلمان لينديتا نيكولا، ووزير الدفاع نيكو بيليشي، كما حضر عن الناتو قائد مركز العمليات الجوية المشتركة والمدير العام لوكالة الدعم والمشتريات التابعة للحلف (NSPA) ستايسي كامينغز، وتحدث في الحفل وزير الدفاع الإيطالي، غيدو كروسيتو، ومسؤولون آخرون رفيعو المستوى.

وفي خطابه خلال افتتاح القاعدة، احتفى رئيس الوزراء الألباني إيدي راما بالحدث، وقال إنه "عنصر آخر من عناصر الأمان في منطقتنا، في غرب البلقان، التي نعرف جيداً أنها معرضة لتهديدات الطموحات النيو-إمبريالية الروسية".

وبدأت أعمال إعادة تأهيل قاعدة كوتشوفا عام 2019، بتكلفة ناهزت 50 مليون يورو، ما اعتُبر أنه أكبر مشروع لحلف شمال الأطلسي في ألبانيا في العقد الماضي، وقال ديلان وايت، المتحدث الرسمي للناتو بالإنابة، إن كوتشوفا "ستكون مركزاً جويّاً مُهمّاً لحلف شمال الأطلسي".

وأضاف خلال خطابه في الافتتاح أن "تجديد قاعدة كوتشوفا الجوية يعد استثماراً استراتيجيّاً، ويظهر أن الناتو يواصل تعزيز وجوده في غرب البلقان، وهي منطقة ذات أهمية استراتيجية للحلف".

وبعد الكلمات التي ألقاها المسؤولون في الحفل، حلقت طائرتان أمريكيتان من طراز "إف-16" وطائرتان مقاتلتان من طراز "إف-35"، كانت قد انتقلت من قاعدة أفيانو الجوية في إيطاليا، بينما هبطت طائرتان من طراز "يوروفايتر"، وقال رئيس الوزراء الألباني إن بلاده قد عرضت أيضاً وناقشت الناتو لإنشاء قاعدة بحرية في غرب البلاد.

ما دلالة افتتاح كوتشوفا؟

ويطرح افتتاح الناتو أول قاعدة جوية في ألبانيا وتمركز قواته في غرب البلقان أسئلة عديدة حول دلالات الخطوة، خصوصاً وهي تأتي تزامناً مع التهديدات الأمنية الكبيرة التي تلقي الحرب الروسية-الأوكرانية بظلالها على دول أوروبا والحلف، مع استمرار تلك الحرب لعامها الثالث.

ويرى الأستاذ المحاضر في معهد الشرق الأوسط بجامعة صقاريا الدكتور محمد سليمان الزواوي، أن أهمية افتتاح القاعدة يكمن في "قربها من مسرح الحرب الروسية-الأوكرانية وكذلك باعتبارها قاعدة تكتيكية لقوات حلف شمال الأطلسي التي تسمح بانتشار جوي سريع في منطقة شرق أوروبا".

وفي حديثه مع TRT عربي يشير الزواوي إلى أن القاعدة "تحتوي على طائرة بيرقدار TB2 المسيرة التركية، ذات القدرات العالية في الاستطلاع والتجسس وجمع المعلومات، بالإضافة إلى قدراتها القتالية".

ويضيف خبير العلوم السياسية أن "أهمية القاعدة تنبع من أنها تستكمل عملية تطويق روسيا في شرق أوروبا، حيث تمتد قوات حلف الناتو شمالاً من دول البلطيق الثلاث لاتفيا وإستونيا وليتوانيا، وتستمر نزولاً إلى بولندا وسلوفاكيا ثم المجر ورومانيا وبلغاريا، وتأتي القاعدة الألبانية لتصل بالحائط الدفاعي الأوروبي إلى الجنوب".

ويتابع: القاعدة تطل أيضاً على البحر الأدرياتيكي، وتمثل حلقة وصل بينه وبين القاعدة الرئيسية للناتو في قاعدة أفيانو في إيطاليا، ومن ثم تعمل على تعزيز إمدادات الحلف عبر أوروبا.

ويبيّن الزواوي أن افتتاح القاعدة "رسالة موجهة إلى روسيا، في حالة نيتها توسيع نطاق عملياتها في منطقة البلقان، دعماً لصربيا على سبيل المثال"، إذ تمثل "زيادة نفوذ الحلف في الدول المحسوبة تقليديّاً على شرق أوروبا وكان لروسيا نفوذ قوي فيها".

ويشير إلى أن هذه تعتبر "الرسالة التي صرح بها وزير الدفاع الألباني في افتتاح القاعدة العسكرية، التي أكد فيها على أهمية تعزيز الأمن الإقليمي بالانضمام إلى معادلة رابحة، في إشارة إلى حلف شمال الأطلسي".

TRT عربي