تابعنا
ليلة الخامس من مارس/آذار الماضي، قبل رمضان بأيام، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي منزل عائلة البرغوثي في قرية كوبر شمال مدينة رام الله، باحثاً عن أم عناد الأسيرة المحررة في صفقة التبادل، وقال ضابط الاحتلال إن لديه أمراً باعتقالها.

في أوائل أيام شهر رمضان الماضي، وفي أثناء عودتها من زيارة شقيقتها الحامل حيث كانت تعتني بها، أعاد الاحتلال الإسرائيلي اعتقال الأسيرة المحررة ولاء طنجي على حاجز دير شرف بين طولكرم ونابلس، وكان برفقتها ابن خالتها الطفل ذو الأعوام الـ15، الذي اعتقله الاحتلال أيضاً.

وقالت ليلى طنجي، وهي شقيقة ولاء: "أصيبت أختي الحامل بتسمم حمل، وزوجها أسير لدى الاحتلال الإسرائيلي، فلم تكُن سوى ولاء المتاحة للاعتناء بها، فغادرت ولاء من مخيم طولكرم حيث نسكن إلى مدينة نابلس حيث أختي الحامل، وفي طريق عودتها اعتقلها الاحتلال الإسرائيلي على الحاجز بعد أيام قليلة من اعتقال شقيقي المُطارَد محمد في مخيم بلاطة".

وحسب عائلتها فإن طنجي لم تغادر مخيم طولكرم منذ لحظة الإفراج عنها، وقد فرض الاحتلال الإسرائيلي عليها منع التنقل والحركة بعد الإفراج عنها، لكن ظروف شقيقتها اضطرتها إلى الخروج للمرة الأولى.

كانت ولاء واحدة من 71 أسيرة و169 طفلاً أفرج الاحتلال الإسرائيلي عنهم خلال صفقة تبادل أسرى وهدنة إنسانية في غزة وسط حرب الإبادة الجماعية على القطاع في الأسبوع الأخير من نوفمبر/تشرين الثاني 2023، واستمرت لمدة سبعة أيام، فيما أطلقت حركة المقاومة الإسلامية حماس سراح 113 محتجزاً من الإسرائيليين وأصحاب الجنسيات المختلفة.

وتضيف ليلى لـTRT عربي أن "رمضان مضى وكان فيه غصة كبيرة، فالاحتلال أعاد اعتقال شقيقتي ولاء وشقيقي محمد، وغابا عن مائدة الإفطار، وكنّا نأمل أن نجتمع في هذا الشهر بعد أن فرقتنا سجون الاحتلال العام الماضي".

في الاعتقال الأول لها قضت ولاء 15 شهراً في سجون الاحتلال، كانت فيها المعاناة مضاعفة، وتوضح شقيقتها أنها عانت ألم الاعتقال من جهة، ومن جهة أخرى كانت تواجه معاناة من نوعٍ آخر، إذ تتخيل ما كانت تعيشه والدتها الراحلة الأسيرة المحررة لطيفة أبو دراع في سجون الاحتلال قبل وفاتها، فتضاعف "الوجع لديها".

وبعد اعتقالها الثاني في الأيام الأولى من شهر رمضان، حكم الاحتلال الإسرائيلي على الأسيرة المحررة ولاء طنجي بالاعتقال الإداري لـ6 أشهُر من دون توجيه أي تهمة.

إعادة اعتقال الأسيرات المحررات

ليست ولاء وحدها التي أعاد الاحتلال الإسرائيلي اعتقالها بعد الإفراج عنها في صفقة تبادل الأسرى في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، فحسب بيانات نادي الأسير الفلسطيني أعاد الاحتلال اعتقال 3 أسيرات محررات بالإضافة إلى طنجي، وهنّ حنان البرغوثي، وروضة أبو عجمية، وأسيل خضر.

وفي مخيم الدهيشة في مدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية، وبينما كانت تنهي عائلة أبو عجمية سحور اليوم الثامن من رمضان، طرَق جيش الاحتلال الإسرائيلي باب المنزل بشدة، سائلاً عن الأسيرة المحررة روضة، لـ"تحقيق ميداني لمدة عشر دقائق".

وتقول شقيقتها سلمى أبو عجمية لـTRT عربي: "اقتحم الاحتلال البيت وسأل عن شقيقتي روضة حيث تقيم معي، فأجابته ابنتي أنها ترتدي ملابسها، حينها أجابها الجندي أن الأمر فقط تحقيق ميداني ولن يتجاوز عشر دقائق، لكن الدقائق تحولت إلى أيام واعتقلها الاحتلال حتى اللحظة".

وتتابع: "لا أدري كيف مرّ رمضان عليها، خصوصاً أنها عانت خلال 49 يوماً من حرب الإبادة الجماعية، وقبل تحررها في صفقة التبادل من ظروف أسْر قاسية من ناحية الطعام الذي قلّص الاحتلال كميته عقاباً جماعياً للأسرى".

كانت سلمى تأمل أن يأتي عيد الفطر برفقة ابنها الأسير للعام الثاني في سجون الاحتلال وشقيقتها روضة، لكن الاحتلال الإسرائيلي بدد هذا الأمل مع إعادة اعتقال روضة، وتأجيل محكمتها لأكثر من مرة مع إصرار القاضي الإسرائيلي على حكمها بـ6 أشهر من الاعتقال الإداري، والسبب هتافها للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة في يوم تحررها.

أما محمد البرغوثي أبو عناد فكان رمضان هذا العام ثقيلاً وحيداً عليه، بعد أن أعاد الاحتلال اعتقال زوجته حنان البرغوثي شقيقة الأسير نائل البرغوثي، أقدم أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية، وتنضم إلى أبنائها الأربعة الأسرى.

ليلة الخامس من مارس/آذار الماضي، قبل رمضان بأيام، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي منزل عائلة البرغوثي في قرية كوبر شمال مدينة رام الله، باحثاً عن أم عناد الأسيرة المحررة في صفقة التبادل، وقال ضابط الاحتلال إن لديه أمراً باعتقالها.

ويقول زوجها محمد لـTRT عربي إن "كابتن المنطقة"، أي الضابط الإسرائيلي المسؤول عن منطقة رام الله، اتصل به بعد اعتقال زوجته وأخبره أن سبب الاعتقال ورود أنباء عن مشاركة البرغوثي في مظاهرة في مدينة رام الله، ويقول أبو عناد إن المظاهرة المذكورة كانت رفضاً لإجراءات السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.

التصعيد ضد الصحفيات

وتشير معطيات نادي الأسير الفلسطيني إلى أن الاحتلال صعّد عمليات الاعتقال الممنهجة بحقّ النساء الفلسطينيات بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وكان آخرها اعتقال شقيقتَي الشهيد أحمد غيظان من رام الله، وهُما أُمَّان وكلتاهما حامل في شهرهما الخامس، وقد وثّق النادي 270 حالة اعتقال بين صفوف النساء بعد السابع من أكتوبر، أبقى الاحتلال على 78 منهنّ رهن الاعتقال.

وحسب نادي الأسير، شملت حملات الاعتقال قاصرات، وطالبات، وزوجات أسرى وشهداء، وأمهات، منهنّ مسنّات، بالإضافة إلى أمهات مرضعات، ووجهت إلى معظمهن تهماً تتعلق بالتحريض على مواقع التواصل الاجتماعي.

مِن بين مَن اعتقلهنّ الاحتلال الإسرائيلي كانت الصحفية رولا حسنين من منزلها في بلدة العبيدية في مدينة بيت لحم، في اليوم التاسع من شهر رمضان، قُبيل موعد السحور، حيث استيقظت العائلة على طرق عنيف على باب المنزل، ثم احتجزوا الجميع في غرفة، وفتشوا في هوياتهم الشخصية.

ويروي زوجها شادي بريجية تفاصيل تلك الليلة الماطرة والباردة لـTRT عربي بقوله: "سألوا رولا عن اسمها، ثم استدعوا المجندة وكبلوا يديها، وأخبرناهم بوجود طفلة رضيعة تعتمد بشكل كلي على أمها في عملية الرضاعة، لكنهم لم يبالوا، وحتى منعوا زوجتي من أن تأخذ دواءها وهي تعاني من مرضٍ مزمنٍ في الكلى".

بعد الاعتقال، عانت ابنة رولا الطفلة إيلياء من حالة صحية صعبة، وهي أصلاً تعاني من ضعف المناعة منذ ولادتها، وأصيبت بجفاف لرفضها تقبل أي حليب صناعي، ما اضطر المستشفى إلى إعطاء الرضيعة تغذية وريدية، وفق حديث زوجها.

ووفق بريجية فإن الاحتلال وجَّه إلى حسنين تهمة التحريض على مواقع التواصل الاجتماعي على فيسبوك وإكس (تويتر)، كما أنها كانت تواجه تهديدات منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة عن طريق مجموعات للمستوطنين على تطبيق تليغرام.

ويصف زوج رولا غيابها في رمضان قائلاً: "لا تتخيلوا حجم المعاناة والشعور النفسي الصعب، قضينا 8 أيام معاً في رمضان، ورولا مرحة وروحها حلوة واجتماعية، واعتقالها ترك فراغاً كبيراً جداً، ومن يوم اعتقالها لم أجلس على مائدة السحور التي كنا نجلس عليها معاً، وحتى الإفطار فإني كنت آكل لسد الرمق فقط".

ومن بيت لحم إلى رام الله مرة أخرى، خلع الاحتلال الباب الرئيسي لبيت عائلة هريش في مدينة بيتونيا، وبدؤوا بالتحقيق الميداني مع أهل المنزل، وطلبوا الهويات الشخصية لهم، وعندما وصلوا إلى اسم أسماء هريش صدر الأمر باعتقالها.

تقول والدتها مكرم قرط لـTRT عربي: "عند ساعة السحور اقتحم الاحتلال المنزل بهمجية واعتقلوا أسماء. في أثناء نزولها ظلّت توصيني بحفيدي كرم، ابن شقيقها الأسير لدى الاحتلال أيضاً وكانت مقربة منه، وعندما وصلت إلى آلية الاحتلال سمعنا صوت صراخها المستمر، وعرفنا أنها تعرضت للضرب حينها".

وباعتقال الصحفية أسماء هريش في 24 رمضان يودّع الحفيد كرم الفرد الثالث من عائلته في سجون الاحتلال، فعمّته أسماء، ووالده الأسير أحمد هريش الذي أعاد الاحتلال اعتقاله في مايو/أيار 2023 بعد شهرين من المطاردة لدى السلطة الفلسطينية على خلفية سياسية، وجده الأسير نوح هريش خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

تقول والدة أسماء إن هذا سادس شهر رمضان على التوالي لم تجتمع فيه العائلة مكتملة على مائدة رمضانية واحدة، وقد تناوب اعتقال أفراد العائلة بين الاحتلال والسلطة الفلسطينية، وفي آخر معلومات وصلت عن الأسيرة هريش، حوّلها الاحتلال إلى الاعتقال الإداري لمدة 3 أشهر، ونقلها إلى سجن الدامون.

وباعتقال هريش يرتفع عدد الصحفيات الأسيرات في سجون الاحتلال إلى أربع، بينهن رولا حسنين، وإخلاص صوالحة، وبشرى الطويل، من مجمل 66 صحفياً وصحفية اعتقلهم الاحتلال منذ السابع من أكتوبر، أبقى على 45 منهم رهن الاعتقال.

TRT عربي